الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
shape
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
76057 مشاهدة print word pdf
line-top
الاستئذان ثلاثا

...............................................................................


وثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فلينصرف وفعل ذلك أبو موسى مع عمر ؛ طرق مرة عليه الباب وكان عمر منشغلا وعنده بعض الصحابة؛ فسمع صوت أبي موسى. أبو موسى طرق الباب فقال: السلام عليكم أأدخل؟ ثم قاله مرة ثانية ثم ثالثة، وعمر كأنه منشغل، ثم رجع أبو موسى فلما انتبه عمر قال: ألم أسمع قول أو صوت عبد الله بن قيس ؛ يعني أبا موسى ؛ فخرجوا فإذا هو قد رجع؛ أرسل إليه، فسأله لماذا رجعت؟ فأخبره بأن النبي صلى الله عليه وسلم علم أصحابه الاستئذان، وقال: إذا استأذن أحدكم ثلاث مرات ولم يؤذن له فليرجع .
عمر رضي الله عنه كأنه ما سمع بهذا الحديث فاستغربه، وقال لأبي موسى لتأتيني بمن يشهد معك أو لأعاقبنك؛ ففزع أبو موسى إلى مجلس أو حلقة من الأنصار؛ فسألهم وقال لهم: هل منكم أحد سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: إذا استأذن أحدكم على أهل دار ثلاث مرات ولم يؤذن له فليرجع ؟ فقال أهل ذلك المجلس: كلنا قد سمعه لا يقوم معك إلا أصغرنا، قم يا أبا سعيد .
فقام أبو سعيد وجاء وأخبر عمر بأنه سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال عمر رضي الله عنه: كيف فاتتني هذه السنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم؟ شغلني عنها الصفق في الأسواق؛ يعني فاتته لأنه كان يشتغل بالتجارة، ففاتته هذه السنة وأسف عليها.
ولا شك أن هذا لحكمة عظيمة؛ وذلك لأنه إذا طرق الباب للمرة الأولى فقد لا يميزونه أو قد يكونون منشغلين، ثم إذا تكلم وطرقه للمرة الثانية فقد لا يجيبونه حيث أنهم يستعدون ويخفون ما كان عندهم مما يريدون إخفاءه، قد يكون بينهم من لا يحبون أن يبرز إليه، ففي أو فبعد المرة الثالثة يكونون قد انتبهوا؛ فيأذنون له، فإذا طرق وتكلم في المرة الثالثة ولم يؤذن له؛ عرف أنهم لا يريدون دخوله عليهم، وأنهم ما أجابوه لكراهتهم له أو لانشغالهم أو ما أشبه ذلك، فعند ذلك ينصرف.

line-bottom